كان الله فى عون المصريين .. يملّون من الطفولة ، ويتمنون أن تمر سنواتهم البريئة بسرعة البرق ؛ حتى يعيشوا مثل الكبار ؛ ويتحملوا المسؤولية ويجمعوا الأموال ؛ ويحققوا المال والشهرة ! ويصبحوا مثل فلان أو علان.
ترن أصوت أبائهم فى آذانهم: هترتاحوا من دراستكم بعد أن تتخطوا زنقة الثانوية العامة. هترتاحوا بعد دراستكم العليا. هترتاحوا بعد أدائكم الخدمة العسكرية. هترتاحوا بعد الشغل. هترتاحوا بعد الزواج .
وبين عشية وضحاها .. يكتشفون أنهم قد كبروا قبل الأوان ؛ ولم يعيشوا طفولتهم .. كما ينبغى لها أن تعاش !
يضيّعون صحتهم ليجمعوا المال ، الذى لا يسمن ولا يغني من جوع ، وتأخذهم دوامة الحياة والمعافرة والنضال ؛ إما تابعين نالوا كل شىء وخسروا أنفسهم ، أو معارضين خسروا كل شىء وفازوا بأنفسهم. أو ممن اختاروا أن يمسكوا العصا من منتصفها ؛ كافيين خيرهم شرهم وماشيين ليس جنب الحيط .. بل داخل الحيط نفسه ! .. فلا طالوا عنب اليمن ولا بلح الشام !
بعضهم يكافج ليفنى شبابه بلا طائل ولا عائد، وبعضهم يجمع الأموال أكواما أكوام ..ثم يصرفها ليستعيد الصحة!
يفكرون بالمستقبل بقلق ، وينسَون الحاضر ، فلا يعيشون حاضرا ولا مستقبلا.
يعيشون كما لو أنهم لن يموتوا أبداً ، ويموتون كما لو أنهم لم يعيشوا أبدا!
تمضي بهم الحياة وتفنيهم .. وأثناء رحلتهم فيها نسوا أن يعيشوها.
وبين الحين والآخر .. يعودون لأصوات آبائهم التى ترن فى أذانهم:
هترتاح بعد ما العيال تكبر، هترتاح بعد ما العيال يتجوزوا، هترتاح بعد المعاش.
الله يرحمهم .. ارتاحوا!
------------------------------
بقلم: خالد حمزة
[email protected]